العلم : "أساس الأمم" .. ومصدر " القوة "

 علم الله الإنسان: العلوم، ليستخدمها في تحقيق العبادة لله وتحقيق السعادة والعدالة والخير للبشر، لا أن يكون العلم تسلية للطغاة ، وأدوات للدمار بأيدي بعض من الحمقى. 

قال تعالى : {قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّى‏} (النمل/ 40).

هذه الآية لها علاقة بقصة سليمان وملكة سبأ، فعندما أراد سليمان أن يأتي بعرشها، تعهد عفريتٌ من زعماء الجنّ بأن يأتي به قبل أن يقوم سليمان من مجلسه، لكن وزير سليمان «آصف بن برخيا» الذي كان عنده علم من الكتاب، والذي كان علمه يمكنه من القيام بأعمال خارقة للعادة قال لسليمان: إنّي استطيع أن آتي به قبل أن يرتد إليك طرفك وفعل ما قال، فشكر سليمان ربّه على‏ الفضل الذي آتاه إيّاه من الأنصار والأعوان والأصدقاء.

وهذه الآية وإن جاءت في مورد خاص، لكنها تكشف بوضوح عن العلاقة الموجودة بين العلم والقوّة، وترغب وتشجع على‏ كسب العلم‏.

العلم هو منارة الحياة ونورها الساطع الذي لا ينطفئ أبداً، وهو اليد التي تمسك بالعالم لتقوده إلى التطور والعزة والرفعة، وهو الحياة بأسمى معانيها، والشمس التي تشرق دوماً ومن كل الجهات. 

أما الجهل فهو ظلام الحياة الدامس، والفكر المنغلق الذي يرفض التطور والتقدم، وهو عدو الحياة ولعنتها الكبيرة، فالجهل لا يكون في شيءٍ إلى شانه، أما العلم فلا يكون في شيءٍ إلا زانه، وشتان ما بين العلم والجهل، أحدهما يدٌ تبني، والأخرى تهدم، فالعلم يبني الأمم والعقول والدول، أما الجهل فإنه يهدم كل جميل، بل إنه ينسف جميع أسس الحياة الجميلة لتصبح غارقة في التخلف.

مهما تحدثنا عن العلم وفضله في الحياة، فلن نوفيه ولو جزءًا صغيراً من حقه، فبفضله تطورت كل المجالات، في شتى مناحي الحياة: بما فيها الطب والزراعة والصناعة ووسائل النقل والمواصلات والاتصالات، كما أنه حسن من نوعية الحياة وزاد في جودتها، فأصبحت أكثر سهولة ورفاهية.

وبفضله أصبح العالم قرية صغيرة، نصل إلى من نريد فيها بدقائق معدودة، كما أصبحت الأمراض المستعصية القاتلة تزول بمجرد إجراءٍ طبيٍ بسيط، وكل هذا بفضل العلم الذي أنتج عقول العلماء ودلّهم على كل ما هو مفيد، حتى أن الحياة في البيوت أصبحت أسهل وأكثر رفاهية، ولو أردنا أن نذكر فضل العلم في جميع مناحي الحياة فلن نستطيع أبداً أن نحصرها.

يُساهم الجهل في نشر ثقافة الموت والتخلف، لأنه يمنع التطور والتقدم، ويُعيد الدول والمجتمعات إلى العصور البدائية الأولى، التي لم تكن تعرف من أشكال العلم والتطور، فمن كان لا يؤمن بالعلم، ويجد في الجهل درباً سهلاً يسيرُ فيه، فهو بكل تأكيد لم يذق حلاوة العلم، لأن الجهل دربٌ لا خير فيه ولا نور، بل هو ظلامٌ دامس يجعل الإنسان غارقاً في تخلفه وأمراضه وهفواته الكثيرة التي ليس لها حل، كما أن الجهل يُضيع الوقت والجهد ويجعل العمر يمرّ هباءً منثوراً، بعكس العلم الذي يجعل للعمر والأيام معنىً جليلاً وعظيماً.

من فضل الله تعالى على عباده أنه حثهم على طلب العلم، وجعل للعلماء منزلةً عظيمة وأجراً كبيراً، أما الجهل فلا يجني أصحباه منه إلا الظلام والتخلف، فهو ظلمة لا أجر فيها ولا ثواب، بل إن الجاهل يتحمل وزر تقاعسه عن طلب العلم، لأن طلب العلم فريضة، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على مكانة العلم الرفيعة.

فلقد اقتضت سنة الله تعالى في الحضارات والأمم والدّول أن تقوم ثم تسقط، وتزدهر ثم تندثر، فما بين صعود وهبوط، ونجاح وإخفاق، قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} ( آل عمران / 140 ).




تعليقات

يجب علينا تقديم خطاب إعلامي مقنع للجمهور، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته والتعامل بحرص مع الموضوعات