" نسور النيل - 2 " .. هل تدق طبول الحرب أبواب " إثيوبيا "

 من وجهة نظري، بسبب التعنت الإثيوبى فى أكثر من ملف، أولها إصرارها على الملء الثانى لخزان "سد النهضة " بدون الاتفاق مع دولتى المصب، وثانيها اخفاؤها نتائج الدراسات عن سلامة السد ومعدلات الأمانة عنهما.

الأكثر من ذلك، فإن أراضى " بنى شنقول " التى بنت عليها إثيوبيا السد، هي أراض سودانية أعطتها لإثيوبيا طبقا لاتفاقية عام 1902 بشرط ألا تبنى أى منشآت مائية على النيل، ومن هنا فإن من حق السودان استرداد هذه الاراضى بعد أن أخلت إثيوبيا ببجاحة ببنودها وكأنها لم تكن.

إذَنْ «حرب النيل أصبحت فعلا على الأبواب» فإن تدمير السد بقصفه بالطائرات، سيكون المشهد الافتتاحى المنطقى والوحيد لهذه الحرب المحتملة، والذى ستعقبه بالتأكيد تداعيات كثيرة وخطيرة، ربما يكون على رأسها تأجيج إثيوبيا لحربها الحدودية مع السودان، والتى من الأرجح أن مصر ستتدخل فيها بشكل مباشر أو غير مباشر بجانب الخرطوم، خاصة إذا ما استطاعت إثيوبيا كما تزعم إطلاق صواريخ تستهدف السد العالى، وهو أمر مستبعد بحسب التقديرات العسكرية للامكانيات التى تتوافر للجيش الاثيوبى.
ومن ناحية ثانية قد تعجل هذه الحرب المحتملة بتفكيك الدولة الإثيوبية التى تتكون من قوميات متباينة ومتصارعة إلى عدة دويلات، وهو وضع تتخوف منه معظم الدول الأفريقية بحدودها السياسية الهشة وتركيباتها العرقية المتنافرة التى فرضها الاستعمار الأوروبى عليها، والتى قد تأخذ موقفا مناهضا لمصر فى المحافل الأفريقية والدولية، ليس اقتناعا بالموقف الاثيوبى ولكن خوفا من اندلاع شرارة التفكيك اليها.

أما من الناحية الدولية، فإن الرهانات الأوروبية والأمريكية تحت إدارة بايدن على العكس من إدارة ترامب، تطالب بالاستمرار فى المفاوضات بين الدول الثلاث، فى تجاهل تام لإصرار إثيوبيا على الملء الثانى لخزان السد فى يوليو المقبل، وهو ما سيفرض وضعا جديدا لن تتمكن مصر أو السودان من تغييره سواء بالحرب أو بالمفاوضات، وسيجعل اثيوبيا تهيمن على النيل بمفردها.
قد تكون الحرب هى الخيار الوحيد لوقف المخططات الشيطانية الاثيوبية للهيمنة على مياه النيل، وهو ما يفرض علينا تهيئة الرأى العام العالمى لقانونية هذه الحرب كدفاع شرعى عن النفس طبقا لمواثيق الامم المتحدة، ثم الاستعداد ــ بعد أن تضع الحرب اوزارها ــ لتقديم مشروع تنموى يجمع الدول الثلاث مع بقية دول حوض النيل لتدشين صفحة جديدة فى العلاقات ليس فقط مع إثيوبيا، ولكن مع دول القارة الأفريقية التى أهملنا علاقاتنا بها منذ عدة عقود، رغم أنها الأولى باهتمامنا لأنها عمقنا الاستراتيجى الحقيقي.

تعليقات

يجب علينا تقديم خطاب إعلامي مقنع للجمهور، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته والتعامل بحرص مع الموضوعات