مصر هبة النيل

يعود اسم نهر النيل من الكلمة اليونانية نيليوس (بالإنجليزية: Nelios) وترجمتها وادي النهر، كما يسمى نهر النيل ببحر العرب، ويسمى بـ (أبو الأنهار الأفريقية).

وهو أطول نهر في العالم يقع جنوب خط الاستواء، وينبع في الجهة الشمالية من خلال مجراه في شمال شرق أفريقيا، ويصبّ في البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ طول نهر النيل 6650 كيلومتراً، أما مساحته تقدر ب 3349000 كم2، ويشمل حوض نهر النيل أجزاءً من تنزانيا، وبوروندي، ورواندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكينيا، وأوغندا، وجنوب السودان، وأثيوبيا، والسودان، بالإضافة إلى المنطقة الزراعية في مصر.

روافد نهر النيل

يوجد لنهر النيل رافدان رئيسيان، وهما: النيل الأبيض، والنيل الأزرق، حيث تصب مياه النيل الأزرق في بحيرة فيكتوريا في أوغندا، بينما تصبّ مياه النيل الأبيض في بحيرة تانا في إثيوبيا، ويتجمّع الرافدان في منطقة الخرطوم في السودان، كما يوجد لنهر النيل عدّة روافد مهمة، وهي: نهري عطبرة، وسوبات، والجزيرة التي تشكّلت بين النيل الأزرق والنيل الأبيض.

بفضل وجود نهر النيل قامت أعظم الحضارات الإنسانية في مصر، والتي ظلت آثارها شاهدة حتى يومنا هذا، حيث شهد هذا النهر العديد من الحضارات المتعاقبة التي تمسكت بوجودها قرب نهر النيل، فمنه المياه منه الأسماك، ومنه الخصوبة التي يمنحها للتربة والضفاف، وهو وسيلة تنقل منذ القدم، كما أنه نهر النيل يُضفي سحراً وجمالاً على المناطق التي يمر فيها، كما يعدّ نهر النيل السبب في تكوّن منطقة وادي الدلتا التي تعتبر من أكثر مناطق العالم خصوبة، وهو أيضاً مصدر دائم ومهم لصيد الأسماك المختلفة.

يمر نهر النيل من جنوب مصر على شمالها، لذلك يتم عن طريقه النقل المائي، كما تمت إقامة سد على مياهه ليُستفاد منها توليد الطاقة الكهربائية التي تزوّد مناطق كبيرة من مصر بالكهرباء، كما ينتشر على ضفاف نهر النيل العديد من المطاعم والفنادق المميزة التي يؤمها آلاف السياح من حول العالم للاستمتاع بجمال هذا النهر العظيم، كما يوجد فيه سفن سياحية تقل السياح وتحملهم لقضاء وقت ممتع ومميز في النهر، والاستمتاع بالتأمل في مياهه والأجواء الساحرة التي يضفيها على المكان.

مصر الحضارة

تعد الحضارة المصرية من أهم وأعرق الحضارات عبر التاريخ، قامت هذه الحضارة في شمال شرق القارة الأفريقية، وبشكل خاص على ضفاف نهر النيل العظيم في جمهورية مصر العربية حاليًا، وهي حضارة موغلة في القدم امتدَّت لما يقارب ثلاثة آلاف سنة تطوّرت خلالها تطورًا كبيرًا، وغَدَت واحدة من أعظم الحضارات التي مرت على وجه الأرض على الإطلاق، بدأت على يد الملك مينا أو نارمر عندما قام بتوحيد شمال وجنوب مصر في عام 3150 قبل الميلاد، وبلغت ذروة ازدهارها الحضاري في عصر الدولة الحديثة، وبالرغم من أنَّها ضمَّت العديد من الممالك التي شهدت استقرارًا ساسيًا إلا أنَّ هناك بعض الاضطرابات التي تخللت تلك الأوضاع المستقرة خلال عمرها الطويل.

وكان أحد أسباب نجاح الحضارة المصرية بداية تمركزها في منطقة وادي النيل حيث توفّرت جميع المقومات اللازمة لنجاح العمل بالزراعة كالمناخ المعتدل والمياه الوفيرة وخصوبة التربة، وأسهمت التنبؤات بحدوث الفيضانات بالتحكم والسيطرة على المحاصيل الزراعية والمحافظة عليها، وأسهمت المحاصيل الوفيرة في زيادة التنمية الثقافية والاجتماعية، وتمَّ استخراج كثير من المواد المعدنية المتوفرة في منطقة الوادي والصحاري المحيطة، وتمَّ اختراع نظام كتابة خاص بالمصريين، ونظِّم العمل الجماعي سواءً في أعمال البناء أم في الأعمال الزراعية، وتطورت حركة التجارة مع الدول والمناطق المجاورة، كما تمَّ الاهتمام بالتجهيزات العسكرية لتأكيد سيطرة الفراعنة على البلاد وللدفاع عن أرض مصر ومقاومة الغزاة، خصوصًا أنَّ المنطقة كانت عرضةً لأطماع الغزاة نظرًا للوفرة والخيرات الموجودة فيها.

أهم إنجازات الحضارة المصرية لقد كانت الحضارة المصرية على مرِّ العصور أعظم حضارة على وجه الأرض لما قدمته من إنجازات للبشرية على طول خمسة آلاف سنة، وتعدُّ أطول حضارة في الدنيا، ويُقصد بها الحضارة الجغرافية التي قامت في منطقة وادي النيل، ولذلك كانت إنجازات المصريين القدماء كثيرة جدًا ما تزال من عجائب الدنيا حتى هذه الأيام، ففي مجال العمران كان لهم باع طويل فقاموا ببناء الأهرامات والتماثيل والمعابد والقبور التي صمدت رغم مرور آلاف السنين عليها، بالإضافة إلى كثير من الرسومات والنقوش والمخطوطات كمخطوطة البردي الشهيرة، فأهرامات الجيزة ومنارة الإسكندرية تعدُّ من عجائب الدنيا السبع، والمقتنيات والتحف والتماثيل المصرية تملأ متاحف العالم وحتى كثير من المساجد في مصر قامت على آثار أبنية الفراعنة، وبقي هرم خوفو أعلى بناء في العالم حتى القرن التاسع عشر.

أما في مجال الفلك أقام المصريون أقدم مراصد العالم وذلك قبل بناء الأهرامات وصنعوا لأنفسهم تقويمًا زمنيًّا حسب ملاحظاتهم لحركة النجوم والشمس، وكانوا يصنعون من البردي رقائق للكتابة عليها وجمعوا فيها علومهم وتقاليدهم وعاداتهم، وأبدعوا الكتابة الهيروغليفية التصويرية، واخترعوا مفاهيم في الهندسة والحساب وطوروها، ودرسوا في الطب وفي طب الأسنان، وهم أول من ابتدع فكرة الحياة الآخرة وفكرة التوحيد على يد أخناتون، وقاموا باستخراج المعادن التي كثُرت في منطقتهم وصنعوها وتبادلوها تجارًّا مع سكان المناطق المجاورة، كما أقاموا شبكات للري وصنعوا قوارب الصيد وغيرها، كما كان لهم أعمال عظيمة في مجال النحت والتحنيط والأدب والموسيقى والرسم والعمارة والدراما بصورة قلَّ نظيرها في زمنهم، لذلك تعدُّ الحضارة المصرية أم حضارات الأرض بلا منازع.

نهاية الحضارة المصرية

إنَ كثرة الخيرات والثروات التي كانت تزخر بها مصر القديمة جعل منها عرضة لأطماع الغزات على مرِ العصور، ورغم الاستقرار النسبي الذي كان يسود مصر في فترة حكم الفراعنة إلا أنها تعرضت لكثير من النكسات بداية من غزو الفرس لها أكثر من مرة، ثمَ سيطرة الهكسوس على الحكم، لكنَ المصريين كانوا يسارعون إلى توحيد صفوفهم وإعادة تحرير بلادهم وطرد المحتل منها، غير أن الانقسامات كانت أكثر من أن تُجبر والضعف الداخلي والفساد والظلم كان قد تفشَى وجعلها أضعف بكثير، مما كانت عليه خصوصًا منذ عام 1085 قبل الميلاد وبداية تولي الأسرة الحادية والعشرين الحكم، ولم ينتهِ العصر الفرعوني إلا بعدَ أن قام الإسكندر الأكبر بغزو مصر وضمها إلى مملكته في عام 332 قبل الميلاد في زمن الأسرة الثلاثين لتطوى صفحة حكم طويلٍ للفراعنة، ويبدأ العصر البلطمي الجديد في مصر.




تعليقات

يجب علينا تقديم خطاب إعلامي مقنع للجمهور، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته والتعامل بحرص مع الموضوعات