التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"المسلة الناقصة" .. يرث العالم اليوم 28 مسلة .. من مسلات الحضارة "المصرية القديمة"

تكنولوجيا متطورة في مصر القديمة : "المسلة الناقصة" يرث العالم اليوم 28 مسلة من مسلات الحضارة المصرية القديمة، مُعظمها نُهب عبر العصور ووصل إلى ميادين باريس ولندن وروما وأمريكا.

في محاجر الجرانيت الأحمر بأسوان جنوب مصر .. ترقد المسلة الأضخم في العالم.
مسلة عملاقة عبارة عن قطعة واحدة من الجرانيت الأحمر .. بطول 42 مترا ووزن 1168 طنا !
الجرانيت الاحمر يحوي مادة الكوارتز بنسبة 20% إلى 80% مما يعني أنه صخر شديد الصلادة .. لا يُمكن قطعه بالآلات التي توفرت للفراعنة آنذاك كالنحاس والبرونز والديوريت. 
محاجر الجرانيت الأحمر في أسوان هي منطقة ضيقة وعرة غير ممهدة .. لا تصلح حتى لوقوف أكثر من 150 شخصا في نفس البقعة الصغيرة.
إذا افتراضنا أن الرجل القوي يستطيع رفع 200 كجم .. فإننا سوف نحتاج إلى 6000 رجلا .. فقط لرفع هذه المسلة من مكانها !
كيف قُطعت تلك المسلة وكيف كانوا يخططون لنقلها مع هذا الوزن الهائل ؟
المسلة الناقصة من الآثار التي تؤكد حقيقة واضحة.
أنه كان هناك يوما تكنولوجيا متطورة في مصر القديمة.
تكنولوجيا لم يصل لها العالم حتى اليوم.

محجر الجرانيت الأحمر بأسوان

محاجر الجرانيت الأحمر بأسوان لها شهرة عالمية لصلادته وجودته العالية .. والجرانيت هو عبارة عن صخور بركانية خرجت من باطن الأرض من مئات الآلاف أو ملايين السنين .. كان في العصور القديمة المكان الرئيسي الذي تنحت فيه الآثار .. المسلات .. التماثيل الجرانيتية.. أحجار بناء قواعد الأهرام .. أحجار الغرف الداخلية ..صناديق سقارة.. معظمها أو كُلها أُخذ من ذلك المحجر ..

واليوم أصبح المحجر مزارا آثاريا تحت إشراف وزارة الآثار المصرية. وهو على وضعه من آلاف السنين بعد إزالة الرمال والأتربة التي زحفت عليه منذ القدم. وما زال حتى اليوم يحتوي على قطع حجرية ضخمة .. علاوة على المسلة الناقصة ومسلة أخرى صغيرة . كلتاهما ما زالتا رابضتين في قلب المحجر.

محجر أسوان .. يحتوي على عشرات القطع الحجرية الكبيرة الناتجة عن أعمال العصور القديمة
صورة من محجر أسوان ويظهر فيه قطع حاد ومستقيم يُثير الدهشة .. لأنه من غير المعروف حتى الآن كيف حدث ؟!

لقد كانت المسلات دائما منبع الدهشة والإعجاب خاصة من الغزاة والمستعمرين. كالرومان والفرنسيين والإنجليز .. فالمسلة ذلك البناء الشاهق المدبب الحاد القمة .. والذي يُعرف قديما عند العرب باسم “الإبر الصخرية” هو عبارة عن كتلة صلبة واحدة .. منتصبة شامخة لا تغطيها الرمال ..لم تُبن ولكنها نُحتت واُستخرجت قطعة واحدة من محجرها .. وقد كانت مطمعا على مر العصور من المستعمرين .. حتى أن إيطاليا وحدها تحوي 12 مسلة مصرية. معظمها قُطع وخرج أثناء الحُكم الروماني، ومنهم مسلة الفاتيكان وهي ثاني أضخم مسلة في العالم بعد المسلة الناقصة موضوع بحث اليوم.

كانت المسلات دائما منبع الدهشة والإعجاب خاصة من العزاة والمستعمرين. كالرومان والفرنسيين والإنجليز وغيرهم وقد أخذوها ونصبوها في ميادين باريس ولندن ورما والعديد من أشهر ميادين العالم .. بل إن تلك الميادين أخذت شهرتها من وجود المسلات المصرية بها 

معضلة المسلة الناقصة

صورة للمسلة الناقصة تُعظيها الرمال في أوائل القرن الـ 20

عندما أُكتشفت المسلة الناقصة كان ذلك في أوائل القرن التاسع عشر، وكانت مغطاة بالرمال … ولم تُكشف تمام إلى بحلول عام 1928 لتكشف عن حجم لم يُشاهد من قبل تقزمت بجواره جميع المسلات الأخرى .. وهي تفوق أحجار بعلبك اللبنانية وزنا التي تُعتبر الحجارة الأضخم حجما في العالم.

لكن كيف يتم حساب وزن المسلات ؟  يتم هذا بقانون حساب الكتلة كالآتي
كتلة المسلة = كثافة الجرانيت الأحمر x حجم المسلة
كثافة الجرانيت الأحمر ثابتة وهي 2650 كجم\متر مكعب … ومن ثم يتم حساب وزن المسلة … أبعاد المسلة موجودة في المصادر لمن أراد الرجوع إليها.

لقد أربكت المسلة الناقصة حسابات الآثريين بطولها الذي بلغ 40 مترا ووزنها المُقدر 1162 طنا .. إنه وزن يُعادل ضعف أي مسلة أخرى

سُميت المسلة الناقصة بهذا الإسم لأنها لم تكتمل وما زالت حتى اليوم راقدة في محجرها، تُنسب إلى حتشبوت. عرفنا من خلالها أن المسلات تُقطع أولا قبل رفعها. حسب قول الآثريون أن المسلة مشروخة وبالفعل يظهر هذا الكسر للزائرين ولذلك فلم تُرفع من الأرض وتُركت حتى اليوم.

لقد أربكت المسلة الناقصة حسابات الآثريين بطولها الذي بلغ 40 مترا ووزن 1162 طنا .. إنه وزن يُعادل ضعف أي مسلة أخرى وفي قمتها يظهر الشرخ واضحا

إذا افترضنا أن كُل رجل يمكنه سحب كتلة وزنها 200 كجم .. فإننا نحتاج إلى 6000 رجل يقف في منطقة المحاجر التي هي شديدة الوعورة ولا تسمح حتى بوقوف أكثر من 200 شخص عليها بالكاد !!

محجر الجرانيت الأحمر بأسوان التي ترقد فيه المسلة الناقصة هو محجر شديد الوعورة .. بالكاد يقف عليه 100 أو 150 شخصا في الوقت نفسه .. ولا يُسمح للسياح بالصعود بأعداد كبيرة في نفس الوقت بسبب وعورته
صورة من زاوية أخرى تُوضح وعورة محجر أسوان

لوحة نيكولا زاباجيلا

عبر الفنان الإيطالي نيكولا زاباجيلا على إعادة تنصيب المسلة المصرية في الفاتيكان عام 1586.

لقد صُممت وأُديرت العملية بواسطة المعماري دومنيكان فونتانا. المسلة بطول 25 مترا ووزن يقرب من 250 طنا، أُنظر إلى عدد العناصر البشرية والأدوات اللازم لنصب المسلة، ضع هذا أمامك وتخيل ماذا تحتاج المسلة الناقصة التي تبلغ 5 أضعاف مسلة الفاتيكان في الوزن لكي تُنصب قائمة ! 

هكذا عبر الفنان الإيطالي نيكولا زاباجيلا على إعادة تنصيب المسلة المصرية في الفاتيكان عام 1586

نحت المسلة يتعارض مع مقياس موس للصلادة !

العالم الألماني فريديريش موس

وحتى نفهم لماذا يتعسر قطع الجرانيت الأحمر بالبرونز والنحاس أو حتى حجارة الديوريت .. نوضح في بساطة مقياس موس. وضع هذا المقياس عالم المعادن الألماني فريدرش موس عام 1812م . مقياس موس هو مقياس لصلادة المواد يستخدم للدلالة على قدرة المواد المختلفة على مقاومة الخدش. ويتم ذلك بفحص قدرة مادة صلبة على خدش مادة أقلّ صلابة منها.  . ويعتبر مقياس موس مقياسًا ترتيبيًا، أي أنه يعطي المواد ترتيبًا معينا في قائمة المواد ولا يعطي القيمة المطلقة للصلابة. فمثال ذلك أن الماس يعلو الكورندم بنقطة واحدة حسب مقياس موس مع أن صلابته تقارب أربع أضعاف صلابة الكورندم.

إذا نظرنا إلى جدول موس بالأسفل .. فإننا سنجد أن الكوارتز يعادل في صلادته درجة 7 .. وهذا يندرج تحته الجرانيت الأحمر والأسود والرمادي والشست .. فكلها أحجار يدخل الكوارتز في تركيبها بنسبة 20% إلى 80% .. وبذلك فإنه إجراء شديد الصعوبة يُقارب المستحيل أن يتم قطع الجرانيت الأحمر بواسطة مادة أقل منه أو تُماثله في الصلادة .. إن الغالبية العُظمى من تماثيل مصر القديمة كتماثيل الملوك والآلهة صنعت من الجرانيت والشست وأحجار الكوارتز.. مما يتسدعي معه أن تكون هناك أدوات أو حفارات من الماس أو الماسونري كالموجودة حديثا

مفياس “موس” للصلادة .. يوضع صلادة المواد والمعادن .. وفي أعلى الجدول سنجد الماس

باختصار فإنك ستحتاج إلى بذل مجهودٍ كبيرٍ من أجل قطع الجرانيت بواسطة منشار من النحاس، يُمكنك أن تظل تقطع بمنشارك طيلة اليوم كي تفوز بسنتيمتر واحد من الجرانيت الاحمر بواسطة هذا المنشار النحاسي ! ..  إنك في هذه الحالة تحتاج إلى مادة أعلى في الصلادة، وهي على أي حال، لم تكن متوفرة لعصر الأسرات (الفراعنة) الذي لم يعرفوا إلا النحاس والبرونز وظهر الحديد في العصور المتأخرة.

هنا يظهر سؤالا، إذا كان الماس هو الأعلى صلادة فكيف يتم التعامل معه ؟ والإجابة أنه يُمكن التعامل بأدوات مثله أو أقل منه في الصلادة .. لكن الخروج بالنتائج يستغرق وقتا طويلا للغاية، والتعامل مع الماس يحتاج إلى أجهزة مركبة وعمليات عديدة معقدة من التسخين والتعرض لليزر وماكينات ضغظ لفترات طويلة بالأسابيع والشهور لصناعة فصوص ماسية .. يمكنك البحث في يوتيوب عن Diamond Making Process لتعرف أكثر عن التعامل مع الماس.

نعود  للنصب الجرانيتي الأكبر -المسلة الناقصة – لنسأل كيف صنعت ؟

كرة من حجر الديوريت

يُجيب الباحثون في المصريات أن المسلات تُقطع عن طريق إحاطة المواضيع الناتئة بالطوب اللبن وتوقد من حوله نيران قوية ثم تصب عليها مياه باردة. إن ذلك الإختلاف المُفاجئ في درجة الحرارة يجعل الجرانيت سهل الكسر ..ومن ثَم يتم الطرق عليه بشدة باستخدام قطع من حجر الديوريت  الثقيل حيث تزن كل قطعة حوالي خمسة كيلو غرامات فيتفتت الجرانيت تحت وطأة الضرب.

الديوريت هو صخرة بركانية تشبه البازلت تحتوي على بلورات يمكن رؤيتها بعدسة يد عادية. يقع الديوريت في جدول الصلابة عند 6.5 على مقياس موس. إنه صخرٌ صلب ومع ذلك فمن العسير جدا أن يتم بواسطته قطع الجرانيت الأحمر حسب جدول فريديريش موس.

وقد حاول بعض الباحثين مثل بيتر تايسون من فريق نوفا ومارك لينر أحد علماء المصريات الكلاسيكيين المعروفين ومن المؤيدين لنظرية حجر الديوريت، حاول الإثنان كسر الجرانيت بواسطة حجارة الديوريت لمدة 20 دقيقة فأصيب الإثنين بآلام شديدة في معصميهما من جراء المحاولة، وفي المقابل لم يحدث أي تغيير في بنية الجرانيت.

إن فكرة قطع المسلات بواسطة حجر الديوريت لم تعد فكرة مقنعة، ومن اللائق الآن البحث عن وسيلة أُخرى.
يقول المهندس الباحث كريستوفر دان (صاحب كتاب تكنولوجيا مفقودة في مصر القديمة) : إن المسلة الناقصة تُقدم أدلة غير مباشرة لكنها مقنعة بشأن مستوى التكنولوجيا الفائقة في الأبنية المصرية القديمة .. ليس هناك دليلا ماديا على ما الأدوات الذي أُستخدمت .. لكنه يشير قطعا إلى الأدوات التي لم تُستخدم ! 

 

قطع المسلات كان بتلك الطريقة البدائية .. هكذا يُصر الأثريون

تجربة فريق نوفا

في عام 1995 .. قام فريق عمل يُسمى فريق نوفا مكون من مجموعة من المهندسين والباحثين وخبراء في العمارة المصرية وجيش صغير من العمال  بتجربة لرفع مسلة .. وقد كان معهم عالم المصريات المعروف مارك ليرنر والمتحيز بشدة لإثبات أن قدماء المصريين بنوا تلك الحضارة المذهلة باستخدام أدوات بدائية وكثافة عُمالية ماهرة.

دينيس ستكوس من فريق نوفا يقوم بقياس القطع الذي قام بعمله في الجرانيت بواسطة منشار نحاسي .. 20 سم تقريبا في 10 أيام .. أي بواقع 2 سم يوميا !

أراد فريق نوفا إثبات مدى إمكانية نقل المسلة باستخدام القوة البشرية والأدوات التقليدية مثل الأخشاب والحبال والقوارب .. فريق نوفا لم يقم بعمل تجربة المسلة كاملة من أولها لآخرها .. أي أنه لم ينحت المسلة من محجرها بأدوات بدائية، ثم رفعها في المحجر بالحبال، ثم سحبها إلى النيل .. ثم أقامها مرة أخرى … إلخ. 

لا، بل قاموا بتقسيم التجربة إلى أجزاء.
فمثلا بواسطة منشار من النحاس قام أحدهم بنشر الجرانيت الأحمر مسافة 20 سم طيلة 10 آيام .. أي ما يقرب من 2 سم كل يوم، واعتبروا أن هذا إثباتا كافيا أن القدماء قطعوا المسلات بواسطة مناشير نحاسية !.
قم قاموا بقطع مسلة من الجرانيت  بوزن 2 طنا بواسطة الآلات الحديثة. ونقلوها حتى شاطىء النيل بشاحنة، ثم استعانوا بالعمال لسحبها مسافة 20 مترا فقط إلى القارب .. واعتبروا أن هذا أيضا إثباتا كافيا، فإذا كان عمال الحاضر قد سحبوها 20 مترا إلى النيل، فعمال الماضي باستطاعتهم سحبها عدة كيلو مترات إلى النيل أيضا !

سحب مسلة بوزن 2 طن على زلاجة خشبية لإثبات أن تلك هي الطريقة القديمة لسحب المسلات إلى النيل إستعدادا لنقلها من المحاجر في الجنوب إلى الأقاليم الشمالية

في تجربة أخرى قاموا بنحت مسلة بوزن 35 طنا بواسطة الآلات الحديثة. ثم خططوا لرفعها بواسطة الأخشاب والحبال والعشرات من المتطوعين. ورفعوها بترتيب الصور المواجهة .. فشلت التجربة أول مرة فميكنة الرفع لم تعمل كما ينبغي .. وفي ثاني مرة أيضا لم تنجح وألغى فريق نوفا التجربة في ذلك العام.

خطوات نصب المسلة 

وبعد عدة سنوات أعادوا التجربة في ماساتشوستس بأمريكا لتنجح في المرة الثالثة بوزن 35 طنا .. ويمكنك مشاهدة التجربة كاملة بالصور والفيديو من المصدر بهامش الصفحة.

نصب المسلة – صورة حية لمعرفة كيف نُصبت المسلات ؟

ورغم الجهد الرائع المبذول الذي قام به فريق نوفا والأفكار الرائعة التي ظهرت أثناء التجارب المختلفة، إلا أن كل ذلك ما زال غير مُقنعا تماما .. لماذا ؟
نرى في الصورة السفلى جزء من تجربة نوفا حيث يقوم مئات العمال بسحب حجر واحد من عدة أطنان فوق درافيل خشبية من جذوع الشجر .. وقد نجحوا بالفعل في سحب الحجر عدة سنتيمترات. 

إخدى مشاهد سحب الأحجار مع مئات العمال

إفترض فريق نوفا أن نجاح 100 شخص في سحب حجر من عدة أطنان يعني بداهة نجاح آلاف الأشخاص والثيران في سحب حجر من مئات الأطنان .. لكن التيار الحداثي يختلف بشدة مع ذلك الزعم !

إذا نظرنا إلى مترو الأنفاق في مصر مثلا .. فإنه تطلب حفرا يصل إلى ما يقرب من 100 كم تحت أرض القاهرة في مختلف الأحياء، وقد تطلب ذلك مئات المعدات الحديثة الضخمة وبيوت خبرات أجنبية وشركات فرنسية  .. إلخ
هل يُمكن حفر 100 كم من الأنفاق يدويا ؟ .. يُمكنني أن أجيب بنعم .. وسأثبتها عمليا بأن أحفر ثلاثة أمتار بوساطة معاول بدائية ثم سأعلن أني حفرت وحدي 3 أمتار في شهر، إذا فيمكن كذلك حفر 100 كم في عدة سنوات.
وهو قياس صحيح رياضيا لكنه باهت عمليا .. إن القدماء لم يكونوا ليقدموا على عمل كهذا دون أن يكون معهم الأدوات التقنية اللازمة لإنجازه في أقل فترة.
إن قدرتي على ملئ حوض سباحة أوليمبي بواسطة إفراغ عدة ملايين من أكواب الماء فيه لمدة أشهر لا يعني أن تلك هي الطريقة الصحيحة لملء حوض السباحة .. بل إنه من الأدعى التفكير في المضخات التي هي بالتأكيد قادرة على إنجاز هذا العمل في أيام قليلة.
إن إحداث قطع في حجر طوله 20 سم بمنشار نحاسي لا يعني قطع مسلة طولها 40 مترا بنفس المنشار في أضعاف الفترة !
لو كانت الوسائل البدائية وحدها من الثيران والعمال والأخشاب هي الطريق لإنشاء تلك المسلات المذهلة لوجدنا في عصر إزدهار الإمبراطوريات الرومانية والفارسية مسلات أكثر تفوقا.
لكن الحل لم يكن أبدا في كثرة العمال.
ما زالت الأسئلة مُعلقة .. وما زالت المسلة الناقصة معضلة ذهنية !
كيف نحتت المسلة ؟ كيف كانوا ينوون إقامتها من محجرها ؟ كيف تعاملوا مع أوزان المسلات الخرافية التي تصل إلى 500 و 600 طنا .. والمسلة الناقصة التي وصلت إلى
1200 طن !
هنا قفز كريستوفر دان بنظريته التي أقلت مضجع علماء المصريات الكلاسيكيين.
لا ريب أن هناك ماكينات عملاقة متطورة خلف إنشاء تلك الصروح الهندسية !

ماكينات عملاقة وتكنولوجيا متطورة

في كتاب تكنولوجيا مفقودة في مصر القديمة .. وضع كريستوفر دان فرضية وجود Mega Mechanism أو آليات عملاقة خلف تلك الصروح ومنها المسلة الناقصة.

إذا نظرنا إلى الخنادق المحيطة يمينا ويسارا حول المسلة. سنرى وكأن هناك نمطا مكررا لآلة، حسب رأي الباحث كريستوفر دان إن تلك الآثار العميقة والمكررة لا يُمكن أن تحدث بواسطة أحجار الديوريت. وإنما نتجت عن آلة حفر.

إن الألة الحافرة لم تقطع الجرانيت فقط بل إنها كانت تتوقف أثناء العمل بشكل ما لتسحب المُتكسر منه وتلقيه خارجا وهذا ما أدى إلى ظهور النمط المكرر.

يعتقد “كريستوفر دان” أن القطع تم باستخدام  ألة تحمل منشار دائري عظيم الحجم وعريض كذلك، يتبعها ماكينة حزام ساندر عملاقة لإزالة كسر أحجار الجرانيت. فالمنشار يُكسر والحزام يزيل.

تصور عام للآلات المستخدمة في نحت المسلة .. قطع بمنشار دائري عظيم الحجم يصاحبه سير آلي لرفع الجرانيت المُتكسر

إن نظرية الآلات تفسر ظواهر أُخرى لم تستطع تظرية الديوريت أن تفسرها.
مثلا .. إذا نظرنا حول المسلة فسنجد آثارا محفورة في أرض المحجر الجرانيتة .. ما سبب تلك الآثار ؟

يرى “براين فورستر” وأتفق معه في ذلك أنها آثار تلك الآلات العملاقة .. فالصورة اليُمني يبدو وكأنه آثار لجنزيرا متحركا  أما اليُسرى فيبدو وكأنه مكان ارتكاز ماكينة .. سببب تلك الآثار المربعة الغائرة.
هناك أيضا الثقوب الكبيرة الموجود في حفرة المسلة نفسها .. والتي من المستحيل صنعها بكرات اليدوريت، بل بألات ثقب عالية القوة والسرعة مثل شنيور كبير في عصرنا الحالي.
 طبعا ما نذكره هنا وما يقوله كريستوفر دان وغيره من الباحثيين أبناء المدرسة الحديثة لا يقبله علماء المصريات بأي حال من الأحوال ويعتبرونه ضربا من الخيال والجنون .. ويكون السؤال التالي مباشرة هو: وأين تلك الآلات والماكينات العملاقة ؟ وسينظرون إليك بخبث موقنين بإنعدام وجود تلك الآلات

يتجاهل الآثريون الحقائق الملموسة الموجودة في جميع أنحاء مصروالعالم حول الصروح والآثار التي لا يُمكن عملها إلا بواسطة ماكينات وتقنيات بصرية وطاقة وكهرباء .. مثل المسلات وصناديق الجرانيت كالموجودة في أنفاق السرابيوم و أواني سقارة وتماثيل الجرانيت المتطابقة.
إنك إذا رأيت علبة من أقلام الرصاص فستعلم على الفور أن وراءه آلات صنعته. متطابقة كاملة الإستدارة والإستقامة صنعتها آلات، أفلا يكون من المنطقي أن 28 مسلة، ومئات التماثيل المتطابقة، وعشرات الصناديق الجرانيتية صُنعت من آلات ؟

الإجابة على مكان وجود هذه الآلات سكون للأسف أنها اختفت وتلاشت ! .. لنفسر ذلك
سنضرب مثالا بسفينة تيتانيك  .. التي أبحرت وغرقت في أولى رحلاتها عام 1912 .. إذا نظرت إليها الآن أي بعد 100 عام تقريبا من غرقها (بعض الصور منشورة على الإنترنت) .. فستجد علامات التآكل والذوبان قد إعتلت جميع أجزائها وفقدت ما يقرب من 30% من حجمها.. إنتظر 100 عام أخرى وستجد شبح لسفينة .. ثم إذا إنتظرت 500 أو 600 عاما أخرى لن تجد شيئا. وكأنها لم تكن.

نفس الشيء قد حدث للآلات العملاقة التي اُستخدمت في مصر القديمة أو غيرها من الحضارات منذ 10 آلاف عام قبل الميلاد .. ظروف مناخية قاسية متنوعة مثل الزحف الجليدي ثم العصر المطيري .. ثم التصحر .. ثم انتظر بضعة آلاف من الأعوام فإنك لن تجد شيئا .. لن تجد سوى الأحجار التي هي أقل المكونات تأثرا بعوامل التعرية .. أما عن باقي المعادن والآلات، فلا شك أنها ستصدأ وتتآكل وتتلاشى عبر العصور.
إلا إذا كانت هناك آلات أو معدات موجودة في المقابر أو مخازن تحت الأرض، فهي لا ريب موجودة حتى الآن، لكننا لم نعثر عليها بعد، أو عثر عليها ودُمر.. أو عُثر عليها ولم نعلم أنها آلة !

الديسك بالمتحف المصري .. هل هو جزء من آلة ؟

في المتحف المصري هناك شيء غامض، يعتقد البعض أنه جزء من آلة.
تقول لوحة إرشاد المتحف المصري أن هذا إناء من حجر الشست مركبا في عمود وربما كان إصيصا للزهور وقد عثر عليه في مقابر سقارة ولا يبدو لي أن هذا إناء، بل وأتبنى أكثر رأي براين فورستر أن هذا جزء من آلة ما، إنه صلب ومتوازن تبدو كما لو كانت للقطع أو للخراطة
إن هذه القطعة دليلا آخر على إحتمال وجود آلات أو ماكينات ترجع للملكة القديمة، وبوسطة تلك الآلات وغيرها تم إنشاء آثار حضارية مذهلة

صخرة لوس آنجلوس

في فبراير عام 2012 في لوس أنجلوس قام متحف الفنون The Los Angeles Country Museum of Art بعملية لنقل صخرة بوزن 340 طنا لوضعها في المتحف .. لقد أرادوا نقل هذه الصخرة من محجرها الأصلي إلى المتحف .. دراسات استمرت لأشهر عديدة من مهندسين ووخبراء واستشاريون وعمال للتخطيط لأفضل طريقة لرفع ونقل تلك الصخرة الهائلة .. واعتبر أحد المهندسين المشاركين أنها اللحظة التي انتظرها منذ 40 عاما ليحقق شيئا خارجا عن المألوف ! 

صخرة بوزن 340 طن .. أراد متحف لوس أنجليس للفنون تزيين مدخله بها

لقد صنعوا شاحنة عملاقة خصيصا لنقلها .. بهيكل طوله 90 مترا يسير على 206 عجلة ! أي بطول ملعب كرة قدم تقريبا ، وتم بناء الهيكل حول الصخرة وأوناش رفعها على الشاحنة، وكانت تسير في موكب ضخم من سيارات النجدة والإسعاف وأوناش متحركة وعشرات من العُمال يصاحبونها سيرا على الأقدام .. لأن سرعة السيارة كان أبطأ من سرعة سير الإنسان العادي.
وسارت في طريق طوله 105 ميل تقريبا، أي 160 كم، واستغرفت تلك العملية 11 ليلة، لأن السيارة كانت تتحرك ليلا فقط .. أي انها كانت تقطع في اليوم الواحد أقل من 15 كيلو مترا

شاحنة عملاقة بطول ملعب كرة قدم لنقل الصخرة

وقد وثقت تلك العملية بأكلمها صوتا وصورة واستقبلها الآلاف من الأمريكيين بالهتاف والصفير فور وصولها واعتبروا هذا حدثا فريدا كسر المألوف.

الصخرة وقد استقرت في متحف الفنون بلوس أنجليس

 لاحظ أن تاريخ ذلك كان في فبراير 2012 .. أي أن ذلك حدث في قمة التقدم العلمي والتكنولوجي الذي نشهده وفي الولايات المتحدة رائدة العلم والتقدم في العالم الحديث.

إن تماثيل عمالقة ممنون بالأقصر يفوقون الـ 400 كجم .. والمسلة الناقصة يبلغ وزنها أربعة أضعاف صخرة لوس أنجليس .. أفلا يُعقل أن يكون هناك طفرة تكنولوجية في مصر القديمة لنحت وإقامة تلك الصروح الجبارة ؟

إن الوصف الإلهي القرآني للحضارة المصرية أنها “التي لم يُخلق مثلها في البلاد” لم يأت عبثا
إنه تحدِ مفتوح لكافة العلماء والباحثين بأن يصنعوا صروحا وإنجازات خارقة كتلك
لكن حتى اليوم، نجد أننا لم نستطع أن نصنع صروحا مشابهة فحسب، بل إننا حتى عاجزون عن فهم كيف صُنعت ؟! ..
وما زلت أذكر كلام حارس المحجر بأسوان (عم محمود) حين قال أن المسلات هي من صنع الجان، فلا يقدر على رفعها بشر !

#الكاتب_الصحفي_والإعلامي_أحمد_سمير #ASM
#مصر_العربية_نيو #masr_elarabia_n

تعليقات

يجب علينا تقديم خطاب إعلامي مقنع للجمهور، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته والتعامل بحرص مع الموضوعات